وعاظ السلاطين: يتطرق الكتاب إلى التعرف على بعض الأحداث الإسلامية،وتحليل بعض الأمور التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي، ويحتوي الكتاب على العديد من الأفكار النقدية الصريحة حول كلا من وعاظ السلاطين والخطباء والشعراء والكتاب ، والتي لم يعتاد عليها القراء، حيث كانوا يتبنون منطق الوعظ والإرشاد الأفلاطوني القديم في كتاباتهم وخطبهم وأحاديثهم وجدلهم، حيث يخالف هذا المنهج ما يدور في الطبيعة البشرية من ميول ونزعات بشرية لا يمكن تغيرها، ويعتمدون في تبرير آراؤهم على منطق السلاطين والمترفين الذين يعيشون في منأى عن العالم الذي يعيشونه باقي البشرية والذي يعرف "بالمنطق الشكلي"، حيث أن الخلل في الطبيعة البشرية لا يمكن إصلاحه بهذا المنهج المجرد وحده والذي لا يتطرق إلى النفس البشرية وما تعاني منه، والتعرف على ما جبل الإنسان عليه من تصرفات وصفات.
تعرف على "علي الوردي"
من علماء علم الاجتماع العراقيون، عرف بشغفه وتبنيه للعديد من النظريات الاجتماعية، يستهدف بذلك تحليل الواقع الاجتماعي للعراقيين، وتحليل بعض الأحداث التاريخية، ولد بمدينة الكاظمية في عام 1913، قدم العديد من الأبحاث في مجال علم الاجتماع أودعها بمكتبة كلية الآداب ببغداد، تأثر إلى حد كبير في مجاله بابن خلدون، توفي عام 1995 بمدينة الأعظمية ببغداد.
الهدف من كتاب وعاظ السلاطين
من منطلق المنطق التنويري يقدم الوردي في كتاب "وعاظ السلاطين" دعوة صريحة إلى ضرورة التغير في طرق تفكيرنا وسلوكنا وتصرفاتنا ويسرد قائلا" قد ولى زمن السلاطين وحل محله زمن الشعوب" ويتوجب علينا في أعقاب حقبة العشرين أن نتحرر من نمط التفكير الذي كان ينتهجه أسلافنا من الخطباء والشعراء ووعاظ السلاطين، ويتوجب علينا أيضا الفهم الجيد لطبيعة النفس البشرية كماهي عليه الآن، حتي يتم وضع خطة الإصلاح والتطوير الصحيحة والتي تتماشى مع ظروف الواقع الذي نعيشه.
حول كتاب وعاظ السلاطين
تناول "الوردي" في عمله هذا نقد بين " لوعاظ السلاطين" والذين يقولون ما لا يفعلون، مستندا بذلك أن الطغاة والحكام المستبدين وجدوا ما يبحثون عنه في كيفية إلهاء رعيتهم وتخوفيهم، حيث أن دولة الظلم هي الدولة الحاكمة والسائدة.، وقد كان انتقاد الوردي في منأى بعيد عن نقد الدين ولكن كان يستهدف بهذا النقد الذين تستروا بلباس الدين وتاجروا به كسلاح لتحقيق مطامعهم ومصالح الطبقات الحاكمة.
ويسرد "الوردي" أن الشعوب القديمة تترسخ في أذهانهم معتقدات خاطئة تدور حول أن الإنسان عاقل وحر ويجب اتباع المنطق المجرد حتى يسير في الطريق الصحيح، ومن هذا المنطلق بدأ الوعاظ في الإكثار من النصائح الإرشادية اعتقادا منهم دورها الفعال في تغيير الطبيعة البشرية ولكن أتت بنتائج عديمة الجدوى والفائدة، والأهم من ذلك نفاقهم البين في منهج الوعظ المتبع، حيث اعتادوا على تقديم الوعظ والنصح للمظلومين وترك الظالمين، ومن هذا المنطلق اتخذهم الحكام والمستبدين كسلاح ووسيلة ضد البشرية لانذارهم بعذاب الآخرة.
العرب هم من أكثر الشعوب حبا للوعظ
وطبقا للعديد من الأبحاث التي اجراها "الوردي" في هذا المجال تبين له انه من أكثر الشعوب حبا وإيمانا بالوعظ والنصائح هم العرب، وأن الوعاظ والشعراء والكتاب الذين تقع على عاتقهم مسئولية تنظيف نفوس البشرية من عوامل الحقد والأنانية والنفاق هم أنفسهم بحاجة إلى التخلص من هذه الأمراض الضغينة لأنهم أكثر أنانية ونفاقا، وعلىهم التغيير من انفسهم أولا حيث أن طبيعة الإنسان في مجملها لا تتغير إلا بتغيير الظروف المحيطة.
محاولات العلم الحديث في التعرف على الظروف والدوافع التي تؤثر في تفكير الأشخاص
العلم الحديث يحاول جاهدا في التعرف على العوامل الرئيسية والظروف التي تكمن وتؤثر على تفكير الأشخاص والعمل على إصلاحها، وعلى الجانب الآخر يستمر الوعاظ في الجدل حول مسائل تاريخية عقيمة ومواضيع لا علاقة بممارسات الإنسان اليومية والتي عفى الزمن عليها، حيث اعتاد وعاظ السلاطين على إسناد التفسخ الاجتماعي الذي تعاني منه الأمة إلى سوء الأخلاق، ويعتبرون أن الإصلاح الخلقي أمرا ميسورا.
مع أطيب التمنيات بالفائدة والمتعة, كتاب وعاظ السلاطين كتاب إلكتروني من قسم كتب كتب إسلامية للكاتب