مهزلة العقل البشري : يعد هذا العمل الرائع بمثابة رد فعل عقب الردود والانتقادات الموجهة لعمله السابق "وعاظ السلاطين" ، حيث استهل مقدمته بالمقارنة بين كلا من المنطق الفلسفي القديم والمنطق العلمي الحديث، حيث يتناول الوردي الواقع لاجتماعي من خلال قيامه بتحليل أحداث التاريخ الإسلامي وما مدى تناسبه أو اختلافه معه، بالإضافة إلى التطرق لكيفية تطور المفاهيم في فترة ما قبل ظهور الدولة الإسلامية في "عهد قبيلة قريش"، وأيضا في مرحلة تأسيس الدولة الإسلامية والمرحلة التي تليها مرحلة الخلافة الإسلامية والفتنة الحادثة في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب، موضحا تطورات المفاهيم الاجتماعية عقب ظهور الدين الإسلامي وأثره البين على قريش، بالإضافة إلى توضيح أسباب الجدل الحادث بين اتباع عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب حتى اللحظة والخلاف بين كلا من السنة والشيعة لذلك عرف بما يسمى "مهزلة العقل البشري".
علي الوردي
الكاتب"علي حسين محسن"عراقي الأصل من مواليد عام 1913 من أشهر علماء علم الاجتماع العراقيين المتميزين الذي تسلسل من مكانته الأكاديمية المرموقة إلى أزقة وشوارع الناس والتعامل معهم بأسلوب بسيط يصل إليهم، كما سلط الأنظار على علل وأمراض المجتمع العراقي وشعوبه، قدم العديد من المؤلفات في هذا المجال والنظريات التي تمس حياة الإنسان مباشرة والتي تميزت بالشمولية والبساطة لتسلل إلى أذهان الغير المتخصصين، مستندا فيها على العديد من الأمثلة للتاريخ الإسلامي والعراقي.
ما يوضحه كتاب" مهزلة العقل البشري"
يعد هذا العمل الاجتماعي توضيح لما غفل بعض الأشخاص عن تدبره في كتابه السابق"وعاظ السلاطين" حيث تطرق الوردي في هذا العمل إلى نقد المنطق القديم في فصول مختلفة ذات موضوعات متباينة جاءت تحت نوع من الضجة من قبل بعض الأشخاص المعارضين لعمله السابق ولذلك تناول بعض الأجزاء من عمله وقام بتوضيحها، بالإضافة إلى قيامه بنقد العقل البشري، و انتقاد كلا من يدعمون الحاكم سواء كان عادلا أم ظالما.
فهو يوضح تطرقه في مقالته لهذا المجال من مبدأ أن الحركة والتطور هما أساس كل شئ، حيث أن الكون في تطور مستمر وفقا للظروف والتغيرات التي تطرأ عليه موضحا في ذلك أنه لا يدعم الحضارة الغربية ويؤيدها بكل ما فيها ولكن يوضح أن الحضار الغربية شبح يتسلل إلى الشعوب فهو يدعو رجال الدين إلى مساعدة الشعوب الإسلامية على التخلص من الصراع الحادث بين كلا من العادات والتقاليد القديمة وبين أهواء الحضارة الجديدة فلابد من الوسيطة والاعتدال واخذ ما يتناسب من الحضارة الغربية الجديدة مع طبيعة عادات وتقاليد الشعوب.
المنطق العلمي الحديث عند الوردي
يتعامل الكاتب من منطقه مع الظواهر الاجتماعية على أنها تتمثل في
متواجدة بوجود المجتمع الإنساني وملازمة له.
يمكن التقليل من نسب انتشار هذه الظواهر الاجتماعية ولكن يمكن التخلص منها والقضاء عليها كافة، حيث أنها لا تزول إلا بانتهاء البشرية بأكملها.
نسبة الظواهر الاجتماعية تتزايد نظرا للعديد من العوامل الرئيسية المسببة لذلك.
يعتمد في تقييمه للظواهر الاجتماعية على العديد من الإحصائيات البيانية.
الحضارة لا تتجزأ ولكن يحتتم تغيير بإدخال ثقافات وأفكار جديدة.
خاتمة الكتاب
اختتم الكتاب موضحا حقيقة واقعية توجب على الجميع الإيمان بها حيث يقول أنه قد ولى وانتهى "زمن السلاطين" وحل وترسخ مكانه "زمن الشعوب" لذا يتوجب علينا النظر في أسلوب تفكيرنا والثورة عليه وإحداث نوع من الانقلاب حيث أنه ليس من المنطق التفكير بأسلوب أسلافنا في القرون القديمة المظلمة ونحن الآن في حقبة العشرين، حيث الزمان الجديد مقبل علينا بأفكار جديدة علينا التعامل معها وفق الوقت الراهن وهذه الأفكار تشبه إلى حد كبير الأسلحة فهي تتبدل بتبدل الأيام موضحا من يريد الإبقاء على عاداته وأفكاره القديمة كالذي يريد أن يحارب الرشاش بسلاح عنترة بن شداد.
مع أطيب التمنيات بالفائدة والمتعة, كتاب مهزلة العقل البشري كتاب إلكتروني من قسم كتب فكر سياسى إسلامى للكاتب