في مقتطف من حوار مع الكاتب منشور على صفحات ملحق جريدة "العلم الثقافي" عدد 02 نوفمبر 2006، نقرأ:
"في سنة 2003 خطرت ببالي فكرة إعداد انطولوجيا للقصة المغربية القصيرة المكتوبة بالعربية يكون محورها "الطيران". وكان من بين النصوص المختارة نصي "وطن العصافير المحبطة" ونص أحمد زيادي "الطفل والعصفور" ونصوص أخرى لم اعد اذكرها لأنني راسلت أصحابها الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء الجواب على المقترح.
لكن الفكرة عادت إلى السطح من جديد في بداية هذه السنة ،2006، عندما طلب مني أحد الكتاب المغاربة ترجمة نص قصصي له من اختياري. فاخترت من نصوصه نصا حالما كان في تقنيته السردية يميل لنصي الحالم "افتح، يا سمسم". ففكرت مليا في إحياء المشروع وقررت هذه المرة أن أغير الاتجاه ليكون القارئ "أجنبيا": لماذا لا يقرأ القارئ الأجنبي نصوصا كهذه؟ لماذا لا نختار للقراء الأجانب ما يقرؤونه لنا كما يختارون لنا ما نقرأه لهم؟ لماذا لا نقدم لغيرنا الصورة المشعة التي نريدهم أن يروننا من خلالها؟...
وقد راعني التجاوب الكبير مع الإعلان. ففي ظرف خمسة عشر يوما كان في علبتي البريدية حوالي عشرين نصا لكتاب مغاربة وغير مغاربة. ووجدت نفسي في امتحان صعب ووسائل الإعلام الدولية من إيران والعراق إلى إنجلترا تنشر الخبر والتعليق حول المبادرة والتهاني تتقاطر من كل مكان. فوجدتني أمام خيارين: فإما أن "اربح وجهي" أو أن "أخسر مشواري الأدبي". فأوقفت الإعلان، ما دمت سأقوم بكل المهمة وحدي، واكتفيت بترجمة ستة عشر نصا لكتاب مغاربة معتذرا للكتاب الآخرين.
ولقد كان هذا الخوف عاملا مساعدا على بدل قصارى الجهد لإنجاح المشروع. لكن لم يكن الخوف هو محرك المشروع. فمشروع "أنطولوجيا الحلم المغربي" لم يكن يرتكز على دعامة الخوف من الفشل بل كان يستند إلى "فلسفة تحدد معالم أفقه". ففكرة ترجمة نصوص القصة المغربية القصيرة إلى اللغة الانجليزية كانت في البدء نابعة من عدم قبول الشح الواضح في النصوص السردية المغربية المكتوبة أو المترجمة إلى اللغة الانجليزية. وكان هذا الحس بالغيرة ورد الاعتبار هو محرك مبادرة ترجمة نصوص سردية مغربية جديدة للتعريف بها لدى القارئ الآخر. لكن هذا القارئ الآخر ليس قارئا محايدا بل هو قارئ متشبع بثقافة أخرى ترى في الثقافة العربية، عموما، عيبين كبيرين:
1)-العيب الأول: هو التجزيئية.أي أن الفكر العربي فكر غير نسقي فكر تجزيئي نظرا للمنع التاريخي للفكر المنظم و التفكير الحر (الفلسفة) و هيمنة الرأي الواحد الذي لا يسمح بنسق فكري متكامل و مغاير بجانبه.
2)-العيب الثاني :هو انعدام الحرية. فإذا كانت الطابوهات في الحياة العربية تحدد في ثلاث: الدين و الجنس والسياسة. فسيكون من الأجدى توسيع الدوائر الثلاث اكبر ما يمكن توسيعه لتصبح الطابوهات الثلاث تحمل اسم » الحاءات الثلاث « : حاء الحلم وحاء الحب وحاء الحرية ... وللالتفاف على مصادرة هذه الحاءات اعتبر الحلم تخريفا و الحب ضعفا والحرية فتنة والفتنة نائمة في الرؤوس ملعون من يوقظها...
ولذلك، فقد ارتأينا أن يكون المشروع القصصي نسقيا متكاملا وحرا من كل الطابوهات العروبية وكان سبيلنا إلى ذلك هو اختيار حاء أولى من ثالوث الحاءات الثلاثة المحرمة، حاء "الحلم"، بحيث تؤدي دور الهادم للثالوث المحرم من زاويته الأولى كما تؤدي دور الجاذب لكل من المشروع الذي أطلق عليه "انطولوجيا الحلم المغربي"على أن تكون الحلقة الثانية "انطولوجيا الحب"، والحلقة الثالثة والأخيرة "انطولوجيا الحرية"...
إن مشروع "أنطولوجيا الحلم المغربي" مركب نحو الضفة الأخرى والقراء الآخرين في أفق تواصل أكثر انفتاحا في زمن الدوائر الضيقة والآفاق الضيقة وسيادة قاعدة “مبدع الحي لا يطرب”.
وانا متفائل بأن المشروع سيكون له صدى في كافة ربوع الوطن العربي وستتفتح بموازاة معه جنسيات أخرى لأنطولوجيات أخرى حول أحلام أخرى… المشروع هو فقط فاتح شهية لانفتاح إبداعي عربي قادم على الآخر مثلما هو إدانة لواقع القراءة المتردي في كل ربوع البلاد العربية.
وكما تتبعت، وأنت من شهود هذه التجربة، ف"أنطولوجيا الحلم المغربي" كتبت "في الهواء الطلق" بعيدا عن كل أصناف الهواء الفاسد والملوث، بحيث كان ممكنا لكل الغيورين الزيارة والمشاركة والتأثير والتقييم والتقويم. كما لا يفوتني أن انوه بالتفاعل الإيجابي الذي صاحب عملية ترجمة نصوص الانطولوجيا. فمن الكتاب المشاركين في المشروع من تقبل بصدر رحب تغيير عنوان نصه، ومنهم من قبل إضافة أو حذفا داخل النص ذاته... وهو ما لا يمكنه أن يحدث في مشروع آخر مع مخاطب آخر لولا الثقة الكبيرة التي وضعوها على عاتقنا والتي تحولت للتو إلى مسؤولية عظيمة."
مع أطيب التمنيات بالفائدة والمتعة, قصة الحاءات الثلاث أنطولوجيا القصة المغربية الجديدة الجزء الأول حاء الحلم كتاب إلكتروني من قسم كتب قصص عربية وعالمية للكاتب محمد سعيد الريحاني .بامكانك قراءته اونلاين او تحميله مجاناً على جهازك لتصفحه بدون اتصال بالانترنت , الملف من نوع PDF بامكانك تحميله و قراءته فورا , لا داعي لفك الضغط .
جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة لمؤلف الكتاب, لإجراء أي تعديل الرجاء الإتصال بنا.
القائمة البريدية