الحاجة الى دراسات أنثروبونيمية هي ضرورة ملحة .نحن نتحدث عن الموضوعية ، عن الشفافية ، عن تسمية الأشياء بمسمياتها ومع ذلك ليست لدينا دراسات حول هذه المسميات وبالتالي ليس لدينا وعي بأهمية الاسم في حياتنا اليومية والمهنية والثقافية فنحن نستهلك الأسماء كما نستهلك ونتداول ما حوالينا من خطابات ومنتوجات وسلع وأموال ....ونحن في حاجة لدراسات جادة تسائل التفاصيل الصغيرة التي كبرنا داخلها لنعبر من خلالها عن القضايا الكبرى . نحن في أمس الحاجة الى دراسات ترسخ تقاليد معرفية ديموقراطية جديدة منهجها السؤال والتحليل وموضوعها يمتد من اليومي المألوف وينتهي بالطابو والممنوع ... لذلك فالدراسات الاسمية قد تشكل خطوة في هذا الاتجاه: اتجاه إعادة قراءة الموروث الثقافي المغربي .
" الإسم المغربي وإرادة التفرد " كتاب يحاول مقاربة الذات المغربية في علاقتها بذاتها ، من خلال الإسم الفردي ، وفي علاقتها بالآخر، من خلال تشريح خلفيات اللقب ، ليخلص الى أن اللقب يستمد وجوده من الخوف من الآخر المختلف بينما يستمد الاسم الفردي مبرر وجوده من حب الذات وحب الحياة . ولذلك فالاسم الفردي دائما متفائل ويتطور ويتغير.... وهو في كل ذلك يعكس إرادة مضمرة لدى الآباء : إرادة التحرر من التصنيف الثقافي والجغرافي والاجتماعي داخل الإسم ، الى آفاق أكثر رحابة ،آفاق الاختلاف والتفرد . باختصار ، الكتاب يتعرص لمحاولة الاسم المغربي الانتقال من مرحلة يغلب عليها الضبط والتصنيف الى مرحلة أكثر تحررا، أكثر تعددية وأكثر انفلاتا من التصنيف ... الكتاب يتعرص بالدرس لهوية مغربية في طور التحول…
ثمة سؤال وجودي يطرحه الكتاب :" من نحن؟ وماذا نريد ؟" هذا السؤال حول الهوية يشغل الفكر والثقافة المغربيتين ….فالهوية في الفكر المحافظ كيان قبلي سابق للوجود الانساني ، يحدد له حياته ويستدرجه للتطابق والتوحد معها بواسطة الثقافة والتربية …أما في الفكر التحديثي فالهوية ليست سعيا للانسجام مع معطيات سابقة للوجود ، بل هي ما نصنعه من انفسنا ولذلك يمكننا خلق هويات متعددة لذواتنا . أما نحن ، فقد كانت نيتنا هي دراسة الهوية المغربية عبر دراسة الاسم الفردي المغربي : مكوناته : وظائفه : طرق اشتغاله ، علاقته بالآخر.. ولقد انطلقنا من التسليم بوجود هوية مغربية لنثبت بأنها هوية تتحول...
يتكون الاسم المدني من شقين : الاسم الفردي le prénom وهو الجانب المتحول والمتغير من الإسم الكامل ثم الاسم العائلي(le nom) ، وهو الجانب الثابت ذو هاجس ضبط الانتماء الثقافي والجغرافي وغيره .الجانب الثاني من الإسم المدني ( أي الاسم العائلي ) هو جانب إداري بامتياز مادام يهتم أكثر بمسألة الضبط والتصنيف . فهو يخضع لتأطير ومراقبة لجان مكلفة بدراسة الأسماء العائلية محليا ومركزيا تحث اشراف وزارة الداخلية التى تصدر الدوريات والمناشر بشأن التحري في كتابة الأسماء العائلية ، إعداد مساطير لاختيار أو استبدال أسماء عائلية ، ونشر لوائح الاسماء العائلية في الجريدة الرسمية .لكن هاجس الضبط هذا ، في الحقيقة، لم يشمل فقط الاسم العائلي بل امتد ايضا ليشمل الاسم الفردي من خلال تحديد لائحة للأسماء المسموح بها ...
دراستنا للإسم الفردي المغربي نابعة من إيماننا بقدسية المفرد ونبش في طاقته الخلاقة وكشف عن موقفه من المجتمع والوجود .
مع أطيب التمنيات بالفائدة والمتعة, كتاب الاسم المغربي وإرادة التفرد كتاب إلكتروني من قسم كتب كتب متنوعة للكاتب محمد سعيد الريحاني .بامكانك قراءته اونلاين او تحميله مجاناً على جهازك لتصفحه بدون اتصال بالانترنت , الملف من نوع PDF بامكانك تحميله و قراءته فورا , لا داعي لفك الضغط .
جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة لمؤلف الكتاب, لإجراء أي تعديل الرجاء الإتصال بنا.
القائمة البريدية